قصة مبرمج صغير – تانماي باكشي – 2022
المحتويات
قصة مبرمج صغير – يعمل في “أي بي إم” من عُمر الـ 14
نبدأ هنا بقصة مبرمج صغير، اسمه تانماي باكشي، سلسلةً لقصص مبرمجين بدأوا صغارا وأظهروا للعالم مدى براعتهم. هذه القصص هي لتزيد من دافعيتنا لتعليم أطفالنا البرمجة. ولإثبات أن نجاحهم في هذا المجال ممكن، طالما نجح فيه غيرهم. هذه قصة مبرمج صغير يشغل وظيفة كمبرمج كمبيوتر ومطور ومهندس معماري لتطبيقات الكمبيوتر في شركة IBM منذ عام 2018. هذا يعني أنه من عمر الرابعة عشرة وهو يعمل في واحدة من أكبر شركات العالم في البرمجيات والتقنيات الصناعية والذكاء الصناعي.
كما أنه خلال هذه السنوات قام بتقديم عرض على TEDx Talk ، كما تحدث في قمة واتسون (للذكاء الصناعي) التابعة لشركة أي بي إم (IBM Watson) في العديد من الدول مثل فلندا ونيوزيلندا والدنمارك واستراليا.
بدايات طفل فضوليّ
على الرغم من أنه لفت انتباه شركة IBM لأول مرة في سن 11 ، إلا أن صعود تانماي باكشي في صناعة التكنولوجيا بدأ قبل ذلك بكثير. بينما كان أقرانهم يكدسون ألعاب Legos ويلعبون الخيال ، كان باكشي البالغ من العمر خمس سنوات يتعلم كيفية البرمجة. فقبل هذا العمر، كان يراقب هذا الطفل والده بونيت باكشي وهو يكتب البرمجيات فأسره هذا المشهد.
قال تانماي باكشي لقناة CNBC Make It : ”لقد كان من الرائع بالنسبة لي كيف يمكن لأجهزة الكمبيوتر فعل أي شيء” . ″أردت أن أعرف ماذا يحدث في الخلف من واجهة المستخدم للبرامج. أي ماذا يحدث داخل الكمبيوتر وليس أمام الشاشة. كما أردت أن أرى كيف يمكن التحكم في أجهزة الكمبيوتر وإخبارهم بما يجب عليهم فعله.
وبسبب فضول الأطفال الذي لديه لتعلم كل ما يثير اهتمامه، والإلحاح الذي لدى الأطفال بشكل طبيعي، فقد استجاب له والده وبدأ يعلمه البرمجة. وكانت تلك البداية بكل بساطة. وسريعا بدأ بكشي بقراءة كتب البرمجة ثم البرمجة بمفرده.
قناة تانماي باكشي على اليوتيوب
وفي عام 2011، أنشأ باكشي قناة يوتيوب خاصة به (tanmay bakshi) وذلك كان في السابعة من عمره. كانت هذه القناة مجالا لكي ينشر هذا الطفل المبرمج العبقري دروسًا تعليمية حول الترميز وتطوير الويب. ومن خلالها أيضا كان يتلقى الأسئلة من جميع أنحاء العالم ويجيب عليها.
ومن خلال هذه القناة أيضا لاحظ تانماي باكشي أن هناك حاجة كبيرة للمعرفة في مجال البرمجة والذكاء الصناعي (تعلم الآلة AI). ولذا فقد ركز في قناته على تعليم الأطفال والمبتدئين الطموحين هذين المجالين. حاليا فإن قناته تمتلك أكثر من ثلاثمائة ألف مشترك، وهو لم يصل بعد إلى الثامنة عشرة من عمره.
بدايات البرمجة العملية
في سن الثامنة ، علم تانماي باكشي نفسه كيفية تطوير تطبيقات iOS. في سن التاسعة ، تم قبول تطبيقه الأول الذي يعلم الضرب في متجر Apple.
فقدان الإهتمام بالبرمجة، والتحول الدراماتيكي الكبير
مع مرور الوقع شعر باكشي بفقدان الإهتمام بالبرمجة بعد أن رأى سرعة تطور العلوم والتقنيات في مجال الذكاء الصناعي. يقول المراهق: ”لطالما شعرت أنه في اللحظة التي تضع فيها شيئًا ما ، سيصبح عفا عليه الزمن”.
وفي أحد الأيام، وجد تانماي باكشي، خلال تصفحه اليوتيوب بغرض رفع أحد مقاطعه، فلما وثائقيا حول تقنية جديدة لشركة أي بي إم IBM. هذه التقنية تدور حول “تعلم الآلة” أو ما يسمى (Machine Learning) واسمه “واتسن” IBM Watson. تقوم هذه التقنية بالإجابة عن الأسئلة، حتى إنها تلعب لعبة المخاطرة أو المحكّ (والذي هو اسمها في نسختها العربية). ولمن لا يعرف فلعبة المخاطرة هذه تقوم على أن يتم تقديم معلومات محددة كإجابة على سؤال محدد بين متسابقين والفائز هو من يعرف السؤال).
ومنذ تلك اللحظة التي سمع فيها عن الذكاء الصناعي تحول اهتمام باكشي وانتهى شعوره بالملل. كما أصبح متابعا ملتزماً لتقنيات أي بي إم – واتسون والذكاء الصناعي.
وفي غضون أسبوع من هذا الإكتشاف، كان تانماي باكشي قد أنشأ أول تطبيق “واتسون” خاص به. هذا التطبيق أسماه اسأل تانماي (Ask Tanmay). يقوم هذا التطبيق بالإجابة على الأسئلة من خلا الموازنة بين أفضل الإجابات الممكن قبل أن يقوم بالرد عليها.
أول فرصة حقيقية
بعد فترة قصيرة من هذه التجربة، صادف باكشي خدمة من أي بي إم لتحويل المستندات. كانت الخدمة هذه حينها نسخة تجريبية. يقوم هذا البرنامج بتحويل الملفات من نوع بي دي إف PDF إلى نوع إتش تي إم إل HTML.
في غضون دقائق من اللعب بالبرنامج ، اكتشف باكشي خطأ فيه. قام لاحقا بالكتابة عنه على حسابه الشخصي على التويتر. وسرعان ما أخذ بعض مبرمجي IBM الذين كانوا يعملون في القسم التقني الخاص بهذا البرنامح بالاتصال بباكشي بعد ملاحظة ملاحظاته هذه على التويتر . يقول تانماي باكشي: ”لقد كان الأمر مثيرًا حقًا”. ″كل مبرمجي شركة أي بي أم هؤلاء يتواصلون معي!”
لاحقا أصبح اثنان من هؤلاء الأشخاص في نهاية المطاف مرشدين له وساعدوه في التعاون مع شركة IBM.
التحدث في المؤتمرات
ومنذ تلك اللحظة أتاح له عملاق التكنلوجيا العديد من فرص التحدث أمام الجمهور في المؤتمرات التي اتضافتها الشركة. فعلى سبيل المثال، في مؤتمر إنتركونكت (Interconnect) كان باكشي المتحدث الرئيسي أمام جمهور من خمس وعشرين ألف شخص بين اختصاصي ومهندس ومبرمج. وفي مؤتمر أخر لشركة IBM في إقليم البنغال في الهند، كان تانماي باكشي متحدثأ أيضا أمام عشرة آلاف شخص.
العمل مع IBM
عمل باكشي بالشراكة مع أي بي إم (IBM) في العديد من المشاريع. إلا أنه لم يكن يعمل كموظف رسمي بأجر. وخلال هذه المشاريع تمكن خبير الذكاء الاصطنناعي الصغير من إبهار بعض الرؤساء التنفيذيين الرئيسيين في الشركة بذكائة.
جدير بالذكر أن كبير مسؤولي التكنلوجيا في مشروع واتسون لدى شركة أي بي إم (IBM Watson) “روب هاي (Rob High) كان أحد المشرفين على باكشي. وقد قال “هاي” عن تنماي باكشي أنه كالإسفنجةـ بقدرته على امتصاص المعرفة. ولديه الدوافع الذاتية الشديدة لتعلم المزيد عن كل ما له علاقة بالذكاء الصناعي والتعلم العميق (Deep Learning).
دوافع التعلم
يوضح باكشي أسباب هذه الدافعية التي لديه للتعلم ونشر المعرفة بقوله: ”أنا متحمس حقًا للذكاء الاصطناعي ، وأنا متحمس لمشاركة معرفتي مع بقية المجتمع”. ″لماذا يحتاج الآخرون إلى إعادة اكتشاف النار أو إعادة اختراع العجلة لمجرد أنني لم أرغب في مشاركة ما فعلته بالفعل؟”
كما أن لدى باكشي دوافع أخرى إنسانية للتعلم وإفادة الآخرين. يقول تانماي باكشي: “الرعاية الصحية مجال ناضج حقًا لتعزيزه بواسطة الذكاء الاصطناعي”.
بعض من مشاريع الطفل المبرمج باكشي
ومن المشاريع التي يشارك فيها باكشي حاليا مشروع “القصة المعرفية”. وهو في المجال الصحي للاستفادة من تخطيط الدماغ في الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق. ويهدف هذا المشروع إلى فهم احتاجات من يعانون الشلل ولا يستطيعون التعبير عن أنفسهم وبناء لغة وألية للمتواصل مع محيطهم. وهو شراكة بين قسم واتسون من أي بي إم، وشركات أخرى.
يقول تانماي باكشي: ”تخيل عدد الأشخاص الذين يمكنهم التواصل مرة أخرى”. ″بدون التعلم العميق ، هذا مستحيل.”
كما يقول باكشي: ”يرى الأطباء الذكاء الاصطناعي كأداة قوية حقًا …. فتقريبًا كل أسبوع هناك مقالات جديدة عن مواضيع مثل السرطان أو اكتشاف الأدوية”.
حتى لو تمكن المتخصصون من قراءة صفحة واحدة في الدقيقة ، فلن يتمكنوا من إنهاء قراءة جميع المعلومات التي يتم نشرها. بعد ذلك ، يستغرق الأمر وقتًا لفهم تلك المعلومات وإدماجها في تشخيصاتهم وعلاجاتهم.
يقول بكشي: ”هذا مستحيل بالنسبة للإنسان”. ″نحن ببساطة غير قادرين على ذلك. إدراكنا لا يسمح لنا بفعل ذلك ”.
وهنا يأتي دور التعلم الأعمق: يمكن للذكاء الاصطناعي النظر في ملايين المستندات في غضون جزء من الثانية، وفهمها ووصفها بطريقة تمكننا من فهمها.
يقول باكشي: ”إنها حقًا أداة احترافية مفيدة جدًا للأطباء يمكنها زيادة وإنقاذ حياة العديد من الأشخاص بسبب حقيقة أن [مهنة الطب] تعتمد بشدة على البيانات”.
الاحتمالات اللامحدودة عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية هي أحد الأسباب العديدة التي تجعل باكشي يرى نفسه يجري بحثًا في هذا المجال في المستقبل المنظور.
″لا شك في ذلك. هذا هو أكثر ما أنا متحمس له ، ”كما يقول تانماي باكشي.
صعوبات على الطريق في قصة مبرمج صغير
يعترف باكشي بأن مجال العمل هذا مليئ بالصعوبات والتحديات. ويقول: “إن بناء كل مشروع هو رحلة قائمة بنسها…. إلا أنني أحب حقا المواظبة على حل هذه المشكلات، وذلك لأنني أعلم أن النتيجة النهائية رائعة حقا. كما أن كل خطوة هي في حقيقتها عملية للتعلم”.
مساهماته في التأليف
ألف تانماي باكشي أو شارك في تأليف مجموعة من الكتب في الذكاء الاصطناعي وتعليم البرمجة للأطفال. ففي مجال تعليم البرمجة للأطفال ألف كتابين حتى الآن:
- كتابًا بعنوان ” Hello Swift !: برمجة تطبيقات iOS للأطفال والمبتدئين الآخرين ”
- تانماي يعلِّم جوليا للمبتدئين: نقطة انطلاق لتعلم الآلة لجميع الأعمار.
كما ألف باكشي كتاب “تانماي يعلِّم Go: اللغة المثالية لمطوري الواجهة الخلفية”. وشارك أيضا في تأليف كتاب ثانٍ “الحوسبة المعرفية مع IBM Watson” مع رئيس قسم التقينة في IBM Watson.
دور الوالدين
من الطبيعي أن نجد أن من أهم أسباب النجاح لأي قصة مبرمج صغير هي الوالدين الذين يقفون بجانب أبنهم المبدع.
ينسب الشاب البالغ من العمر حاليا 17 عامًا الفضل في نجاحه السريع إلى والديه. حيث يقول إنهم رَعَوا دراساته كثيرة المتطلبات، كما أنهم دائما فخورون بما يعمل.
كما يقول تانماي باكشي: ”لقد زودوني بفرصة مواجهة الناس، كما لم يبخلوا علي بتوفير الموارد بشكل صحيح عندما كنت في أمس الحاجة إليها …. لولا دعم عائلتي ، لما كنت أعمل على تحقيق حلمي حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن.”