5 من أهم طرائق وأساليب تعليم البرمجة للأطفال
المحتويات
هل يلزم تطوير أساليب تعليم البرمجة للأطفال؟ أم نكتفي بما لدينا؟
سنمر في هذا المقال على خمسة من طرائق وأساليب تعليم البرمجة للأطفال، والتي لا غنى عنها في العملية التعليمية. سواءً كان هذا التعليم تعليما مدرسيا أو خارج المدرسة. وسنمر في هذا المقال على أمثلة لها من واقع تعليم البرمجة. كما سنمر على بعض إيجابيات أساليب تعليم البرمجة للأطفال هذه وعناصرها وأهدافها التعليمية. كل هذا بما يساعد في إغناء عملية تعلم البرمجة من حيث الأدوات والممارسات.
طبعا في هذا المقال، فنحن لا نتطرق لا لذكر المهارات الفردية للأطفال، وأيضا لن نمر على أي من مهارات البرمجة للأطفال والتي لا بد لهم من اكتسابها، كما أننا لن نستحضر كيفية اكتشاف مواهب الأطفال. بل سنحاول وضع أُطر عملية لتوفير البيئة المساعدة على تحقيق هذه المهارات والمواهب ودعمها حتى نهيء أطفالنا لعالم الغد وعالم الميتافيرس الذي فيما يبدو سيكون أمرا حتميا لا مناص منه.
يقوم التعليم في العادة على ممارسات، فهو إما تعليم قائم على تلقّي من الغير، أو اكتساب من خلال الممارسة والجهد الذاتي. وكلما زادت وتنوعت أساليب تعليم البرمجة للأطفال والطرائق التعليمية في عملية التعلم، كلما زادت فاعليته وعظُمت نتائجه.
إن الاستخدام الأمثل لهذه الأساليب في مجال تعلم البرمجة، يجب أن يسبقه دائماً تحديدٌ للأهداف، ثم وضع للخطط قبل التنفيذ، وأخيرا قياس النتائج ومقدار التقدم، ثم تصحيح المسار. هذه الأربع هي عمليات إجرائية لا غنى عنها لكل من يريد أن يصمم مناهج تعليمية، أو يتابع بذكاء أداءه أو أداء أطفاله في التعلم في سبيل تطويره بما يخدم أهدافه من هذا التعلم.
5 من طرائق وأساليب تعليم البرمجة للأطفال
نذكر فيما يلي خمسة من الطرق والأساليب لا على الترتيب حسب الأهمية، بل للذكر فقط، والتي نجد أن من المناسب ذكرها كبداية. وربما في مقالات أخرى نذكر أو نخصص بعضها أو غيرها بمقالات تفصيلية.
1- تعلم البرمجة من خلال الحفظ والتكرار
تُعرف فكرة تدهور الذاكرة بمرور الوقت باسم منحنى النسيان، وقد طورها هيرمان إبنغهاوس في عام 1885.
كما يمكن تعريف تأثير التباعد أنه من الأكثر كفاءة وفعالية في عملية الحفظ أن يقوم الشخص بعملية تعلمه وحفظه للمعلومة الواحدة بالمُباعدة بين فترات استذكارها على مدى أوقات متباعدة بدلاً من حشر هذه العملية في وقت متقارب.
التكرار المتباعد هو فكرة أنك ستتذكر المعلومة بشكل أكثر فاعلية وذلك إذا تعرضت لها أو استذكرتها تماماً قبل لحظة نسيانها. وهذا ما أظهرته أبحاث الذاكرة.
يُعد منحنى النسيان وتأثير التباعد معًا مفاهيماً أساسية وراء أسلوب التكرار المتباعد في الحفظ.
وتجدر الإشارة إلى أن التكرار المتباعد كأحد أساليب تعليم البرمجة للأطفال ليس بديلاً عن التعلم. لأنه من الأهمية بمكان أن تَفهم المادة أولاً قبل أن تلتزمها وتقوم بإنشاء عملة حفظ بنظام التكرار المتباعد. أي نقول اختصاراً: افهم أولاً ثم عزز.
يمكن لتطبيق مبدأ التكرار المتباعد أن يساعدك في بناء قاعدة معرفية لأساسيات وتقنيات وأفضل الممارسات في برمجة الكمبيوتر والوصول إلى الطلاقة فيها. ويكون استخدامها في تعلم والحفظ العميق للمفردات والأوامر والوظائف البرمجية حتى تظل في مقدمة عقلك كلما احتجت إليها.
2- تعلم البرمجة من خلال اللعب (Play)
تدريس البرمجة ليست عملية بسيطة، فحتى الطلاب الأكبر سنا يعانون مع هذا الموضوع. ثبت أن الألعاب التعليمية كأحد أساليب تعليم البرمجة للأطفال لها من الأثر في زيادة التحفيز وكفاءة التعليم. وقد تم إنشاء العديد من الألعاب لتعليم البرمجة. وقد كان من أهداف هذه الألعاب سرد القصص والرسوم المتحركة والألعاب التفاعلية.
عناصر اللعبة الأساسية الثلاثة التي اقترحها مالون ( Malone [21])
أ) تحفيز الطلاب،
ب) التفاعل مع المحتوى
ج) لعب الأدوار، يمكن لألعاب الفيديو أن تزيد من مكاسب التعلم.
يمكن أن يؤدي لعب الأدوار إلى تشجيع الطلاب على اتخاذ خيارات حاسمة للوصول إلى أهدافهم. ولإنجاز الأهداف من خلال الألعاب، قد يحتاج الطلاب إلى وضع إستراتيجيات أولاً من أجل تطبيق المعرفة على مجالات جديدة حيث تمر اللعبة بعدد من الحالات التي تتبع بعضها البعض بطريقة ديناميكية.
في دراسة حديثة، قام الباحثون بإجراء بحث حول “أنشطة اللعب الموجه”، وذلك لدراسة مهارات التفكير الحسابي مثل الاتصال والتعاون. كان هذا بغرض قياس إمكانية تعليم مفاهيم البرمجة والترميز لدى الأطفال في سن ما قبل المدرسة (الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و 4 سنوات).
اقترحت نتائج بحث “أنشطة اللعب الموجه” ما يلي:
- بدأ الأطفال في تطوير العديد من المهارات اللازمة للبرمجة والترميز بالإضافة إلى مهارات التفكير الحسابي ومفاهيم مثل التعاون والتخطيط والتفكير المنطقي والتسلسل وحل المشكلات وخوارزميات التصحيح ، ولكن بدرجات متفاوتة من دعم الكبار.
- يمكن استخدامها في دور الحضانة ومؤسسات ما قبل المدرسة لتعليم مهارات التفكير الحسابي المبكر.
- استخدام الألعاب والمعدات المألوفة للأطفال دون سن 36 شهرًا بدلاً من استخدام أجهزة الكمبيوتر ، كان ناجحًا في تعزيز جوانب التفكير الحسابي مثل التواصل والتعاون (Bers et al. ، 2014).
- يمكن استخدامها مع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين لتعلم العديد من المفاهيم الأساسية التي تدخل في مهارات التفكير الحسابي.
- كان الأطفال سعداء بالمشاركة ، على الرغم من أن بعض هذه الأنشطة كانت صعبة عليهم لإتقانها دون دعم. يسمي Papert (1988) هذا “المرح الصعب” عندما لا يشعر الأطفال بالإحباط لأنهم يستمتعون بالأنشطة.
3- تعلم البرمجة من خلال التجربة والخطأ
تتضمن التجربة والخطأ (أو تكرار المحاولة) تجربة واختبار الحلول الممكنة في كل تجربة وتغيير جزء من التعليمات البرمجية بهدف تحسينها بشكل مستمر للاقتراب من الهدف النهائي مع كل محاولة حتى تحقق النتيجة الصحيحة.
وتعتبر التجربة والخطأ أو التكرار طريقة مناسبة ومن أساليب تعليم البرمجة للأطفال الذين هم في مرحلة البدء بالتعلم. كما أنها رائعة لحل المشكلات في برمجة الكمبيوتر عند بداية المشاريع أو عندما لا تكلف الكثير من الوقت أو المال أو عندما لا يكون لها تكلفة للأرواح. ويكون ذلك لأن تكلفة الفشل منخفضة جدًا. وكذلك يلجأ الكثير لها في المراحل الأولى من دورة حياة تطوير البرامج وقبل نشر إنتاجهم البرمجي في السوق، ولكن ليس في المراحل اللاحقة.
ومع ذلك، لا تعمل التجربة والخطأ بشكل جيد في المواقف التي تكون فيها تكلفة الفشل عالية، أو إذا كان البرنامج على وشك الوصول إلى العميل، أو إذا كان في يد العميل بالفعل، فإن تكلفة إصلاح الخطأ مرتفعة للغاية.
ولكن، وبمجرد اكتساب بعض الخبرة، يجب أن يتحول النهج إلى التخطيط قبل البدء بالبرمجة. وذلك لأنه لا يمكنك حل أي شيء لا تفهمه. لذلك يجب أن تكون الخطوة الأولى هي فهم المهمة والمسألة والمتطلبات والعمل بطريقة منهجية وتطوير استراتيجية بدلاً من التعلم عن طريق التجربة والخطأ، يمكنك تعلم حل المشكلات.
4- تعلم البرمجة من خلال المهام الحقيقية القصيرة
في دراسة قام بها جوزديال وآخرون وجدت أن لعب المتعلمين بالصور والصوت والفيديو في مهام البرمجة في مرحلة تعلمهم المبكرة يزيد من فرصتهم بتعزيز مهارتين: الأولى هي الذاكرة، حيث يتذكر المتعلمون المزيد من المواد في حالة مرورهم بتجربة مماثلة في وقت لاحق. الثانية هي القدرة على الاستمرار في التعلم، حيث يكونون أكثر قدرة على البقاء وقتا أطول في تعلم البرمجة ومهاراتها. ويكون هذا بخاصة وبشكل أكبر عندما يجد المتعلمون أنفسهم أمام مهام حقيقية فيجدونها أكثر جاذبية من التمارين غير الواقعية.
كما أنه في العادة يكون هناك سؤال تقليدي، عند الانتقاء بين أساليب تعليم البرمجة للأطفال، والذي هو: هل طرح الأسئلة والمشكلات أفضل ضمن سياقات فعلية (مثل، مسألة العثور على أعلى درجة للطلاب ضمن قاعدة بيانات الصف الدراسي) أو بدون ذكر السياق للمسألة نفسها (مثل ، ابحث عن القيمة الأعلى ضمن قائمة من الأعداد). وفي دراسة أخرى وجد الباحثون بوفيير وآخرون ووجد أن وجود الدوافع في حالة التعلم (مثل دافع حل مشكلة حقيقية يعطي فرصة أكثر للتعلم.
على أية حال، وعند اختيار سياق المهام البرمجية مثل سياق برمجة لعبة أو تطبيق كمبيوتر أو جوال أو رسوم متحركة أو غيرها من المهم أن ننتبه إلى أمر هام. هذا الأمر هو أن السياق يمكن أن يستبعد، عن غير قصد، بعض الأشخاص كما يمكن له جذب آخرين. فعلى سبيل المثال، يستخدم العديد من المعلمين ألعاب الكمبيوتر كمثال محفز لتعليم البرمجة، لكن بعض المتعلمين قد يربطونها بالعنف والقوالب النمطية العرقية أو غيرها مما لا يجدوها ممتعة لهم أو متناسبة مع قناعاتهم الشخصية. ولهذا فإنه مهما كانت الأمثلة التي يختارها المعلمون، فيجب عليهم أن يركزوا على أن يكون الهدف هو نقل المتعلمين بأسرع ما يمكن من “المهام الصعبة والمملة” إلى “السهلة والمثيرة”.
أخيراً، فإنه ولمساعدة الطلاب على تحقيق نتيجة مُشاهدة ومُرضِية بسرعة، يمكن للمدرسين توفير بعض مكتبات البرامج المكتوبة مسبقًا أو باستخدام التعليمات البرمجية المصدر، والتي تجعل الطلاب أقرب إلى الهدف النهائي. إن فكرة أنه يجب على الطلاب أن يبدأوا من كتابة برامجهم من الصفر، بحيث أن عليهم كتابة كل الكود البرمجي الذي يحتاجونه بأنفسهم هو من بقايا حقبة ماضية. كما أن هذه فكرة لم تكن حتى صحيحة في ذلك الوقت. فالأمر إذاً أن على المعلمين أن يختاروا المهمة التي يريدوا بالفعل للطلاب المشاركة فيها ويقدموا لهم كل شيء عداه بحيث يكون مُعداً بشكل مسبق.
تعريفات ضرورية:
مكتبات البرامج المكتوبة مسبقًا: هي مجموعة من الوظائف والمواد الجاهزة والتي من الممكن أن يستخدمها المبرمج باستيرادها بشكل مباشر
التعليمات البرمجية المصدر: وهي أوامر وتعليمات مكتوبة بلغة من لغات البرمجة التي يمكن قراءتها من طرف المبرمجين عادة كنص بسيط. يتم تصميم شفرة المصدر بشكل خاص لتسهيل عمل مبرمجي الحاسوب لاستخدامها لاحقا في المهام متعددة.
5- تعلم البرمجة من خلال المشاريع والتتويج ( Projects and Capstone)
تعريف التتويج (Capstone)
يُطلق التتويج على المشروع الذي يكون لإعلان انتهاء مرحلة الدراسة لمشروع أو دورةٍ ما. وهو يأتي تتويجا ومشروعا متكاملاً، ومهمة متعددة الأوجه تُعد بمثابة تجربة أكاديمية وفكرية متوجاً لأعمال الطلاب، عادةً خلال السنة الأخيرة من المدرسة الثانوية أو المدرسة الإعدادية، أو في نهاية البرنامج الأكاديمي أو تجربة مسار التعلم. وتتوج هذه الفترة بمنتج نهائي أو عرض تقديمي.
تم تصميم مشاريع Capstone بشكل عام لتشجيع الطلاب على التفكير النقدي وحل المشكلات الصعبة. كما أنه أحد أساليب تعليم الأطفال البرمجة وغيرها من العلوم التي تعتمد على تطوير المهارات مثل الاتصال الشفوي والخطابة ومهارات البحث ومحو الأمية الإعلامية والعمل الجماعي والتخطيط وتحديد الأهداف – أي المهارات التي من شأنها تساعد في إعدادهم للكلية والوظائف الحديثة وحياة البالغين. في معظم الحالات، تكون المشاريع أيضًا متعددة التخصصات، بمعنى أنها تتطلب من الطلاب تطبيق المهارات أو التحقيق في القضايا عبر العديد من مجالات الموضوعات المختلفة أو مجالات المعرفة. تميل مشاريع Capstone أيضًا إلى تشجيع الطلاب على ربط مشاريعهم بقضايا المجتمع أو مشاكله، ودمج خبرات التعلم خارج المدرسة.
أمثلة على التتويج
ومن الأمثلة على الـ (Capstones) أو مشاريع التخرج، سواء كانت مشاريعًا برمجيةً لدورةٍ قصيرة أو طويلة، أو معرضًا كبيرًا، فعلى سبيل المثال، قد يُطلب من الطلاب تحديد موضوع أو مهنة أو مشكلة اجتماعية تهمهم أو إجراء بحث حول الموضوع أو الاحتفاظ بمجموعة من النتائج أو إنشاء منتج نهائي يوضح اكتسابهم أو استنتاجاتهم التعليمية (ورقة علمية، فيلم قصير، أو عرض تقديمي متعدد الوسائط، على سبيل المثال). ويتم تقديم هذا الإنتاج مع عرضٍ تقديميٍ شفهيٍ عن المشروع إلى لجنة من المعلمين والخبراء وأعضاء التحكيم الذين يقومون بشكل جماعي بتقييم جودته. ومن الأمثلة أيضاً ما هو متعلق بتصميم وبناء منتج أو برنامج كمبيوتر أو تطبيق أو روبوت لتلبية حاجة معينة، مثل مساعدة المعاقين.
الأهداف التعليمية التمثيلية لمشاريع التخرج:
- زيادة تحفيز الطلاب ومشاركتهم: يمكن أن تعزز الطبيعة الإبداعية لمشاريع التخرج، التي يختارها الطلاب عادةً ذاتيًا وتستند إلى الاهتمامات الشخصية، دافع الطالب للتعلم، لا سيما خلال فترة (الصف الثاني عشر) عندما يتضاءل الحافز الأكاديمي والدافع للمشاركة.
- الاستعداد للكلية والعمل وزيادة التطلعات التعليمية والوظيفية المستقبلية. من خلال إشراك الطلاب في مشاريع طويلة الأجل تتقاطع مع الاهتمامات الشخصية والتطلعات المهنية، حيث يمكن لمشاريع التخرج أن تساعد الطلاب في التخطيط المستقبلي، وتحديد الأهداف، وقرارات ما بعد المرحلة الثانوية، والاستكشاف الوظيفي – لا سيما بالنسبة لأولئك الطلاب الذين قد يكونون غير مركزين أو غير متأكدين أو مترددين بشأن خططهم وتطلعاتهم بعد التخرج.
- تحسين ثقة الطلاب وتصوراتهم الذاتية: تتطلب مشاريع Capstone عادةً من الطلاب تحمل مسؤوليات جديدة، وأن يكونوا أكثر توجيهًا ذاتيًا، وتحديد للأهداف، ومتابعة الالتزامات. يمكن أن يؤدي إكمال مثل هذه المشاريع إلى تعزيز احترام الذات وبناء الثقة وتعليم الطلاب قيمة الإنجاز. قد يصبح الطلاب أيضًا قدوة للطلاب الأصغر سنًا، والتي يمكن أن تنمي القدرات القيادية ويكون لها تأثيرات ثقافية إيجابية داخل المدرسة.
إظهار التعلم والكفاءة: كواحدة من العديد من الاستراتيجيات التعليمية المعروفة على نطاق واسع باسم العروض التوضيحية للتعلم، يمكن استخدام مشاريع التخرج لتحديد كفاءة الطالب (في اكتساب المعرفة والمهارات) أو الاستعداد (للكلية والعمل) من خلال مطالبتهم بإثبات ما تعلموه خلال مسار مشروعهم الذي أنجزوه.