ما هو تأثير التكنولوجيا على الأطفال؟ دراسات حديثة 2022
المحتويات
هل يجب أن نخاف من تأثير التكنولوجيا على الأطفال؟
في هذا العصرٍ بدأت التكنلوجيا الحديثة وأدواتها تنتشر بين الأيدي الصغيرة بعد أن وصلت لمعظم سكان الكرة الأرضية من البالغين. كما بدأ تأثير التكنولوجيا على الأطفال يظهر بحلوه ومره. ولذا فقد أصبح لزاماً علينا أن نعيد النظر فيها بنظرة فاحصة مدققة.
فهل هي فقط مغارفٌ يستعين بها أطفالنا على الوصول للعلوم والفهم والثقافة والتسلية؟ أم أن آثارها على أطفالنا الذين هم أكبادنا أصبحت معاول هدم لصحتهم الجسدية والنفسية والاجتماعية؟
يمكن للشاشات والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أن تكون أدواتٍ في طريق خير ومصلحة أطفالنا ومجتمعنا ككل. كما أنها من الممكن كذلك أن تكون عكس ذلك.
أسباب البحث، وهل أصبح العالم الافتراضي أسلوب حياة؟
كان لتطور علوم الاتصالات وتقنيات التواصل أثراً كبيراً على تغير أساليب تواصلنا ببعض واكتسابنا للمعرفة وكيفية قضائنا لكثير من أوقاتنا. كما كان لهذا التطور أثر كبير على تطور التعليم عن بعد وتعليم أطفالنا. باختصار، فإن التكنولوجيا غيرت حياتنا وأولوياتنا أيضاً في كثير من الأوقات.
كثير من التقنيات الحديثة في التعليم تسعى للوصول بالطفل إلى تكنولوجيا المستقبل. ومن هذه التقنيات ما تجعله ينغمس فيها مثل تقنيات الواقع الافتراضي التي تشدّ المستخدم كبيراً كان أو صغيراً بشكل شبه كامل أو كامل مثل عالم الميتافيرس. وعندها قد لا يشعر المتعامل معها بالوقت ولا بالمجتمع الواقعي الذي حوله. الشيء الذي يدفعنا للبدء بالخوف على أطفالنا بين التكنولوجيا والمستقبل الذي ينتظر مجتمعاتنا وأخلاقنا وحتى صحته النفسية والجسدية.
إن استخدام الوسائط المتعددة من الفيديوهات والألعاب والقراءة على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل صحيح يمكن أن يساعد في تحسين الحياة اليومية. كما يمكن لهذا الاستخدام أن يكون له آثار سيئة جدا ومدمرة لحياة الفرد في حال استخدامها بشكل غير صحيح أو مناسب وبدون وعي وتفكير.
في هذا المقال سنمر على عدد من أهم التأثيرات السلبية لاستخدام أطفالنا للتكنولوجيا بشيء من التفصيل.
أما كيف نستطيع التوازن بين احتياجات الطفل والتكنولوجيا وتطورها وآثارها عليه. وكيف نتجاوز هذه الآثار السلبية فسيكون موضوعنا في مقال لاحق إن شاء الله.
تأثير التكنولوجيا على الأطفال
منذ بداية ظهور تكنلوجيا الاتصال مثل الشاشات والإنترنت كأدوات للتسلية والتعلم ومن ثم إتاحتها للأطفال، والباحثون وكثير من الآباء في انشغال حول سلبيات التكنولوجيا على المجتمع ومخاطر التكنولوجيا على الأطفال وصحتهم.
بداية كيف يمكننا أن نقول إن كان تأثير التكنولوجيا على الأطفال إيجابياً أوعلاقتهم بها صحية؟ وما هي الخطوات التي يجب علينا أن نخطوها لنتأكد أن تأثير الشاشات والإنترنت وعالمه لا يؤذيهم؟
جميعنا يلاحظ مدى إقبال أطفالنا وولعهم بالإنترنت وتطبيقاته، سواءً على الجوال، أو الجهاز اللوحي أو الكمبيوتر. ولكن هل يعتبر جلوسهم أمامه لساعات طويلة إدماناً على الكمبيوتر؟ أو يتعبر هذا أمراً صحياً وعادياً في عصر الكمبيوتر والإنترنت، وقريباً في عالم الميتافيرس! وهل علاقتهم بالإنترنت تؤثر على حياتهم فيهملون مهامهم اليومية والاجتماعات الأسرية على الطعام وغيرها؟ أو هل تؤثر التقنية والإنترنت على نومهم وعدد ساعاته ومواعيده؟
من العوامل التي يتم قياس الحياة الصحية بها جودة الحياة والنوم المنتظم والوقت الجيد مع العائلة. ولذا فإن دراسة أثر التكنلوجيا على صحة الأطفال من خلال هذه العوامل. والتوازن في قضاء الأوقات بين التكنولوجيا و هذه العوامل هو ما أوصت به الجمعية الملكية البريطانية لطب الأطفال وأيضا الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال.
خلال فترة جائجة الكورونا، فإن الكثير من الآباء وأيضاً الأطفال لجأوا إلى الإنترنت كطوق نجاة للتواصل مع الآخرين واستعادة شكلٍ من أشكال الحياة الاجتماعية التي اعتادوها. وخلالها كان الجميع مضطرين لتقديم بعض التنازلات عن القوانين الصارمة فيما يتعلق بالجلوس على الإنترنت، مثل عدد الساعات. ولكن وخلال هذه الممارسات اليومية فإن عادات ومخاوف أيضاً نشأت حول صحة أبنائهم الجسدية والنفسية. كما نشأت مخاوف أيضاً حول مع من يقضون أوقاتهم على صفحات التواصل الاجتماعي وباقي مواقع الإنترنت. كما نشأت المخاوف أيضا حول المحتوى والمعارف والعادات التي يكتسبونها.
وقد أشارت دراسة حديثة أن مجموعة متزايدة من الدراسات تذكر أن الإفراط والإدمان للوسائط الرقمية لها آثار وعواقب ضارة جسدية ونفسية واجتماعية وعصبية. كما تشير الدراسات إلى أن المدة، والمحتوى، والاستخدام في الظلام، ونوع الوسائط هي عوامل لها تأثيرها بمستوى الضرر.
يمكننا أن نذكر هنا أربع أنواع أساسية من الآثار الناتجة عن علاقة الطفل بالتكنولوجيا والتي سنمر عليها في الفقرة التالية من هذا المقال:
- آثار نفسية والعقلية
- آثار جسدية
- آثار سلوكية وتربوية والتعليمية
- آثار اجتماعية
ويمكن أن نقسِّم المؤثرات المسببة للآثار السابقة حسب نوعها إلى نوعين رئيسيين :
- مؤثر ناتج عن الوقت أمام الشاشة.
- مؤثر ناتج عن أنواع المحتوى.
والتي سنتحدث عنها في فقرة لاحقة.
أولاً: الأنواع الأربعة لآثار علاقة التكنلوجيا مع الأطفال
1) الآثار النفسية والعقلية المترتبة عن تعامل الأطفال مع التكنولوجيا
من المهم أن نذكر أن عدداً من الدراسات الرسمية لم تجد أدلةً على وجود علاقة سببية بين الأنشطة القائمة على الشاشة ومشاكل الصحة العقلية. إلا أن بعض الأبحاث قد ربطت بين هذه الأنشطة وبعض الآثار السلبية. ومعنى هذا أن السبب والنتيجة لم يتم فهمهما بالكامل بعد. وهذا يعني أيضاً أن من لديه مشاكل في الصحة العقلية قد يتأثر بهذه الأسباب أكثر من غيره. كما لوحظ وجود ارتباط بين الذين ينخرطون في الأنشطة القائمة على الشاشة بشكل متكرر أو لفترات أطول بوجود مشاكل الصحة العقلية، ولكن لم تثبت بعد أن هذه الأنشطة كانت السبب. وهذا لا يعني بانعدام التأثير.
ومن هذه الآثار السلبية على الصحة العقلية والنفسية ما يلي:
- القلق.
- الاكتئاب.
- الإحباط.
- الإدمان على الإنترنت.
- ضعف الثقة بالنفس.
- الإنسحاب.
- الميول الإنتحارية.
- اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه ADHD.
- مخاطر بيولوجية عصبية.
- مخاطر على سلامة دماغ الطفل.
فعلى سبيل المثال، قامت الكثير من الدراسات لتمييز الآثار المترتبة على إدمان الإنترنت. ومن هذه الدراسات ما وثّقت آثار المخاطر الشخصية النفسية. ووفقاً لدراسات إحصائية فإن نسبة الإدمان على الإنترنت بين طلاب المدارس عالمياً هي 6% تقريباً.
تعريف إدمان الإنترنت والتكنلوجيا
تعريف إدمان الإنترنت والتكنلوجيا الأكثر قبولاً بين العلماء هو الإستخدام المفرط للإنترنت الذي لا يمكن السيطرة عليه مصحوباً بأعراض الإنسحاب بحيث يصبح المدمن غير قادرٍ على إدارة حياته بشكل عام وينطوي بعيداً عن مجتمعه ومحيطه. ومن أبرز أمثلة الإدمان التي يعيشها الكثير من أبنائنا والشباب في هذا العصر هو الإدمان على ألعاب الكمبيوتر والجلوس أمامه لساعات طويلة متواصلة وصعوبة خروجهم من دوامتها.
كما ذكرت الدراسات أن التأثيرات النفسية المتعلقة بقلة النوم نتيجة الإفراط في الجلوس أمام الشاشات والاستخدام الليلي للأجهزة الرقمية قد ترتبط بأعراض كالإكتئاب والميول الإنتحارية. وأيضا فإن اضطراب فرط الحركة ونقص الإنتباه ADHD أيضا قد تم ربطه بهذه العوامل وأيضا بعامل المحتوى العنيف وسريع الحركة. والذي قد يتجاوز هذا الإضطراب إلى ممارسة السلوك العدواني وانخفاض السلوك الاجتماعي الإيجابي عند الأطفال والمراهقين.
وقد أجريت دراسة تم عملها عبر التخطيط المقطعي لدماغ الأطفال في مرحلة ما قبل رياض الأطفال لدراسة تأثر أدمغتهم مع استخدام الوسائط المستندة إلى الشاشة. ووجدت هذه الدراسة ارتباطًا بين زيادة استخدام هذه الوسائط، مقارنةً بإرشادات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP)، وانخفاض سلامة البنية المجهرية لمسارات المادة البيضاء في الدماغ. هذه المسارات هي بالمناسبة المسؤولة عن دعم تعلم اللغة ومهارات القراءة والكتابة الناشئة لدى الأطفال في هذه المرحلة. كما يشكل هذا الاستخدام مخاطر بيولوجية عصبية عند الأطفال. الأمر الذي أثر على كيفية لعب الأطفال وتعلمهم وتكوين العلاقات.
2) الآثار الجسدية المترتبة عن تعامل الأطفال مع التكنولوجيا
فوقت الجلوس المفرط أمام الشاشة له علاقة بكثير من الآثار السلبية والأضرار على صحة الأشخاص والأطفال بالأخص. ومن هذه الآثار ما يلي:
- قلة النوم وعدم كفايته
- ضعف البصر.
- هشاشة العظام.
- ضعف الجسم.
- مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية مثل:
- ارتفاع ضغط الدم.
- السمنة.
- انخفاض الكوليسترول الحميد،
- تنظيم ضعيف للإجهاد (استثارة عالية الودي وعدم انتظام الكورتيزول) ،
- مقاومة الأنسولين.
أظهرت دراسة منشورة حديثا أن العديد من الأطفال الصغار لا يحصلون على نشاط بدني كافً ويجلسون أمام الشاشات أوقات طويلة. فهم يجلسون ما يقارب 10 ساعات في مقابل 47 دقيقة من النشاط البدني بين معتدل إلى قوي. كما يتجاوز العديد من الأطفال الوقت الموصى به للجلوس أمام الشاشة وذلك بالجلوس بشكل متواصل لساعات طويلة. والمصيبة كثيراً ما تكون بدافع أو تجاهل متعمدٍ من طرف الوالدين.
كما ذكرت هذه الدراسة التي قام بها باحثون في مركز أبحاث التقارير الوقائية الطبية التابع لجامعة ماكجيل الكندية حول النشاط والسمنة عند الأطفال ما قبل سن المدرسة ارتباطه بتأثير الجلوس أمام الشاشات والتقنيات المختلفة المرتبطة بها. وفي هذه الدراسة تم ربط النشاط البدني المتزايد والسلوك الخامل بالنمو الصحي للأطفال وتطورهم. وتضمنت هذه الدراسة ما يتعلق بما يتوجب فعله للعمل على انخفاض السمنة وتحسين اللياقة القلبية والتمثيل الغذائي والنمو الحركي والأداء الدراسي والصحة الاجتماعية والعاطفية للأطفال.
3) تأثير التكنولوجيا على الأطفال في السلوك والتربية والتعليم
سنذكر هنا مجموعة من الآثار السلبية للتكنولوجيا على الأطفال من حيث النواحي السلوكية والتربوية والتعليمية. كما سنمر سريعاً على النتائج السلبية التي ستنتج أيضاً عن تعامل الأطفال غير المنضبط مع التكنولوجيا.
تأثير التكنولوجيا على الأطفال في السلوك العام:
تأثير التكنولوجيا على الأطفال في التربية:
تأثير التكنولوجيا على الأطفال في التعليم:
توفر الأجهزة المحمولة في الواقع فرصًا للاستخدام التفاعلي بين المستخدمين. فعلى سبيل المثال، يمكن عبرها ممارسة الألعاب أو التقاط الصور، أو التعلم عن بعد. وهذه بدورها توفر فرصًا لممارسة الذاكرة العاملة والتخطيط والتحفيز والتثبيط عند الأطفال، وبالتالي قد تساعد في تحسين الوظائف التنفيذية.
عندما يتم استبدال الأنشطة المهمة للتطور المعرفي (مثل اللعب بالمكعبات وما شابهها، والانخراط في اللعب التخيلي) بوقت الشاشة، فقد يتأثر تطوير القدرات الوظيفية التنفيذية بشكل دائم وسلبي. وبالتالي فإذا كان التعرض للتلفاز المبكر يؤثر على الوظيفة التنفيذية على المدى الطويل، فإن التعرض للوسائط غير الضارة على ما يبدو قد يكون له آثار ضارة على التحصيل الأكاديمي والتعلم الاجتماعي والعاطفي وغير ذلك.
4) الآثار الاجتماعية المترتبة عن تعامل الأطفال مع التكنولوجيا
كما هو متوقع فإن انعزال الطفل لساعات أمام الشاشات يؤدي ويرتبط بالكثير من الآثار الاجتماعية المترتبة عليه, ليس أقل من هذه الآثار ما في هذه القائمة:
- الضعف العاطفي في فترة الطفولة المبكرة
- الانعزال وضعف العلاقات والمهارات الاجتماعية
- قدرة أضعف على فهم المشاعر للمحيطين به
- الإنطواء
- ضعف القدرة على التعبير عن النفس
- ضعف القدرة على الإختلاط بالمجتمع
- ضعف الترابط الأسري
في دراستين منفصلتين توصل الباحثون إلى أن هناك ترابطاً بين مهارة تنظيم المشاعر ووقت الشاشة إذ أن الوقت المفرط أمام الشاشات يرتبط بالضعف العاطفي في فترة الطفولة المبكرة أو مرحلة ما قبل المدرسة.
كما أن كشفت النتائج في الدراسة الثانية أن قضاء المزيد من الوقت أمام الشاشة في سن الرابعة ينبئ بمستويات أقل من فهم المشاعر في سن السادسة. بالإضافة إلى ذلك، فقد توقعت الدراسة الثانية بأن وجود التلفزيون في غرفة نوم الأطفال في سن السادسة ترتبط بمستويات أقل من فهم المشاعر في سن الثامنة. وأيضاً بأن تأثير ألعاب الكمبيوتر على الأطفال ترتبط بمستوى أقل من قدرة الأولاد على فهم المشاعر.
ثانياً: تقسيم تأثير التكنولوجيا على الأطفال حسب نوع المؤثر
1) تأثير التكنولوجيا على الأطفال الناتج عن أنواع المحتوى
أما بالنسبة للمحتوى وعدد ساعات العمل على الإنترنت، فكثير من الأهالي يضعون قواعد صارمة فيما يتعلق بها. ولكن هل للمحتوى التأثير نفسه لعدد ساعات العمل على الإنترنت من حيث التأثيرات السلوكية والإدمان على الإنترنت؟
بين وقت وآخر نسمع في الأخبار عن أطفال يؤذون أنفسهم أو غيرهم بعد مشاهدتهم محتويات أو ممارستهم ألعاباً عنيفة على الشاشات أو من خلال الإنترنت. ورغم فرض الكثير من الدول القوانين الشديدة على مزودي خدمات مواقع الإنترنت مثل الفيسبوك وتويتر وغيرها لعدم إتاحة هكذا محتوى للأطفال والعامة، إلا أنه لم يتحقق الكثير من التقدم رغم ذلك.
كما ينصح الكثير من الخبراء بأن تكون القواعد أكثر صرامة مع “ما هو المحتوى الذي يتابعه وينشغل فيه الأطفال؟” على الإنترنت أكثر من “ما هي عدد الساعات التي يقضونها عليه؟”.
2) تأثير التكنولوجيا على الأطفال الناتج عن الوقت أمام الشاشة
بالنسبة للآباء والمعلمين والأطباء، “وقت الشاشة” هو مصطلح محمّل وقد يعكس عددًا من التعريفات المختلفة للآباء والباحثين. إن التقدم التكنولوجي والتوافر المتزايد لتقنيات الهاتف المحمول يفوقان بكثير الأبحاث، مما يجعل من الصعب معرفة ما هو “المناسب” للأطفال، لا سيما في عصر يتم فيه استخدام الشاشات بشكل متزايد للأغراض التعليمية.
يمكن أن تكون الارتباطات الممتدة مهمة لأن الآثار السلبية على التنمية قد تكون تراكمية وليست فورية ؛ قد لا يتم اكتشاف الارتباطات المتزامنة بسهولة مثل الآثار السلبية لاستخدام الوسائط الرقمية بمرور الوقت. تعتبر الفروق بين التأثيرات المتزامنة والممتدة أمثلة مهمة للعلاقة المعقدة بين الوظيفة التنفيذية ووقت الشاشة الطويل، وتبرز الحاجة إلى توخي الحذر في التفسير.
اعتبار آخر مهم هو العناصر المتنوعة لـ EF. اقترحت بعض الأبحاث السابقة أن وقت الشاشة قد يؤثر على الوظائف التنفيذية المختلفة بشكل مختلف.
على سبيل المثال، Huber et al. (2018) وجدت في عينة من 96 طفلاً تتراوح أعمارهم بين عامين و 3 أعوام، أن أولئك الذين شاركوا في اللعب على الأجهزة اللوحية كانوا أكثر عرضة لتأخير الإشباع من الأطفال الذين شاهدوا الرسوم المتحركة ؛ زادت ذاكرة العمل بعد تشغيل الجهاز اللوحي.
أثبتت الأبحاث أن زيادة وقت الشاشة يرتبط عادة بانخفاض الوظائف التنفيذية (Executive Functionality)، وأن هذا الارتباط واضح منذ الطفولة. وأظهرت هذه الدراسات أن التعرض بشكل منتظم للشاشة لفترة أربعة أشهر كان له أثر في التحكم التثبيطي (قدرة الشخص على التحكم في قدرته على الاختيار وتثبيط الاستجابات السلوكية الطبيعية مثل تناول كعكة يشتهيها أثناء اتباعه للحمية الغذائية). ومن المهم الملاحظة أن التأثير يكون أعمق في حالة أن كان الطفل في عُمر السنة فما دون. وتظهر هذه الأبحاث أن هذه الإرتباطات تستمر لما بعد مرحلة عُمر السنة. كما أن دراسات أخرى أظهرت أن تعرض الطفل ذو السنتين لكمية أقل من المحتوى على الشاشة يُظهر مستوىً أعلى من التنظيم الذاتي في عُمر الأربع سنين. كما أظهرت دراسة أخرى أن تعرض الطفل لمستويات أعلى من المحتوى الموجه لغير الأطفال في عُمر بين 12-14 شهرا كان مرتبطاً بمشتوى أقل من التحكم التثبيطي (وبالتالي ضعف الإرادة)، ومهارات ما وراء المعرفة في عُمر الرابعة. كما أظهرت دراسة أخرى أيضاً أن الأطفال في الرابعة من العُمر والذين شاهدوا رسوماً كاريكاتورية حركية (سريعة الحركة) بدلا من التعليمية أو عدم مشاهدة أي شيء على التلفاز، كان أداؤهم أسوأ بكثير في مهام العمليات التنفيذية التي تمت بعد المشاهدة مباشرة. كما تأخر لديهم الشعور بالإشباع من المشاهدة بعد مشاهدة هذا الكرتون مقارنة بالذين لم يشاهدوا أي شيء أو شاهدوا أفلاماً علمية،
توصي العديد من المنظمات الصحية الدولية مثل الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ومنظمة الصحة العالمية بحد يومي أقل من ساعة واحدة من وقت الشاشة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و 4 سنوات. ولكن وبسبب الطبيعة الترابطية لمعظم الأبحاث الموجودة والمشهد سريع التطور للتكنولوجيا، فلا تزال تأثيرات مشاهدة الشاشة الممتدة غير واضحة وغير حاسمة.
وجدت الدراسة أن كان علاقة واضحة بين وقت الشاشة بعد 24 شهرا من عمر الطفل وبعد عام واحد من ذلك، أي عند 36 شهراً.
أسباب تأثير التكنولوجيا على الأطفال سلباً، وأضرارها على الأطفال
بالإضافة إلى ما ذكرنا سابقاً من التأثيرات السلبية الممكنة على أطفالنا من التكنولوجيا، نجد أنه من الضرورة بمكان أن نمر على الأسباب التي تجعل أطفالنا عُرضة لهذه التأثيرات.
عندما يواجه الأطفال مشاكل، غالبًا ما يكون الإعلام هو كبش الفداء الأول الذي يشير إليه الكبار. يتم إلقاء اللوم على ألعاب الفيديو العنيفة في حوادث إطلاق النار في المدارس، ويتم إلقاء اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية في أزمة الصحة العقلية. جميع هذا على الرغم أن الباحثين يشيرون إلى عوامل مؤثرة أيضا في صحة الأطفال النفسية والجسدية مثل البيئة وأنظمة التعليم والتمايز الطبقي في مستويات الحياة والتعليم وغيرها الكثير.
ومن هذه الأسباب نذكر ما يلي:
- عدم المساواة الاجتماعية في توفر المال أو المكان المناسبين لممارسة الطفل العادات الصحية من الرياضة والثقافة والتعليم المتوازن؛
- ضعف التربية وغرس الدافعية في التعلم والإيجابية في الحياة؛
- ضعف التفكير النقدي، وضعف قدرات التواصل الاجتماعي الواقعي؛
- أساليب التعليم التقليدية التي تعتمد على التلقين؛ وبالتالي ينشأ الطفل متلقياً بطبعه، وسلبياً ينتظر أن يقوده غيره؛
- انشغال الآباء والأمهات عن أطفالهم بتحصيل أسباب الحياة من المال والاحتياجات الأخرى؛
- أسباب أخرى خفية.