متى نبدأ بتعليم البرمجة للأطفال 1 من 2
المحتويات
تعليم البرمجة للأطفال 1 من 2
آراء متعارضة
“يرى بعض الآباء أن البرمجة ليست موضوعًا مناسبًا للأطفال، حيث يعتبرون أن فهم منطق تنفيذ البرنامج يتطلب معرفة متقدمة بالرياضيات، مما يجعل تعلم البرمجة للأطفال أمرًا صعبًا. يعتقدون أيضًا أن دماغ الأطفال في سن مبكرة قد لا يكون مجهزًا بالموارد الكافية لذلك. يشتمل اعتقاد آخر بينهم على أن البرمجة تتطلب تفكيرًا معقدًا وذاكرة وتركيز، وهي مهارات قد لا يكون الأطفال الصغار قد طوّروها بعد. ونتيجة لذلك، يرون أنه من الأفضل بدء تعليم البرمجة للأطفال بعد بلوغهم سن 10 أو 12 عامًا.”
رغم الأفكار التي تتبادر إلى ذهن الآباء عندما يفكرون في تعليم البرمجة لأطفالهم، إلا أن الأمر لا يقتصر على العمر. بل يتعين علينا أن نستكشف الوقت المناسب للبدء في هذه الرحلة الملهمة مع أطفالنا، بهدف تحقيق أقصى استفادة من هذا الخيار التعليمي المثمر.
لذلك دعونا نحاول الرد على هذه الأسطورة ببعض الحجج المنطقية:
- إنه كلما بدأنا بالعملية مبكرًا، زاد الوقت والجهد الذي يمكنهم استثماره في تحسين مهاراتهم وصقلها. كما أنهم يتاح لهم أن يكتسبو خبرة جيدة في عالم البرمجة منذ صغيرة.
- يُظهر الواقع أن أي طفل يستطيع فهم البرمجة في أوقات مختلفة بناءً على خبراته الشخصية والبيئة المحيطة به، وكذلك على عمره الحالي والمستوى الذي وصل إليه في حياته.”
رأي الخبراء
بشكل عام، يوافق الخبراء على أهمية تعليم مهارات البرمجة للأطفال في سن مبكرة. ويُظهر الواقع أنه يمكن تقديم مفاهيم التفكير المنطقي للأطفال حتى قبل دخولهم المدرسة. بدأت بعض المدارس والمؤسسات التعليمية في تدريس تمارين أساسية للبرمجة للأطفال ابتداءً من سن 5 أو 6 سنوات، باستخدام ألعاب منطقية تحاكي مهارات البرمجة. وفي غضون عام تقريبًا، يمكن الانتقال إلى تمارين أكثر تعقيدًا.
ووفقًا للدراسات، يُظهر أن الأطفال الذين يتعلمون البرمجة منذ الابتدائية يحققون أداءًا أكاديميًا أفضل مع مرور الوقت. يُلاحظ أن نسبة عالية منهم يتجهون نحو مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، سواء في مرحلة الكلية أو في حياتهم المهنية المستقبلية.
وبعد أن يُقنع الآباء بأهمية تعليم أطفالهم البرمجة، ويتفقون على ضرورة بدء هذه الرحلة التعليمية في مرحلة مبكرة، تثار تساؤلات حول متى يكون الوقت المثلى للبداية. وفي هذا السياق، يعتمد القرار على هوايات وإمكانيات الطفل، واهتمامات الوالدين، ورؤيتهما لتطوير مهارات الطفل، بالإضافة إلى توفر مناهج تعليمية في المدرسة أو العائلة أو المعهد. ولا يمكن نسيان تأثير التكاليف المالية على هذا القرار.
أخيرًا، يصل الآباء إلى تساؤل حاسم حول أفضل لغة برمجة مناسبة لتعلم أطفالهم، وسنقوم بمناقشة بعض هذه اللغات في مشاركاتنا القادمة.
خطة عمل لتعليم الأطفال البرمجة
لمن يفكرون بتعليم أطفالهم البرمجة من أعمار مختلفة. فقد تم تقديم اقتراحات حول العمر المناسب لتعلم مهارات البرمجة للأطفال، بالإضافة إلى الأدوات المناسبة لكل فئة عمرية. وسنقوم بسرد هذه الاقتراحات آملين أن تكون مفتاحا للآباء والأمهات، حيث يمكنهم العثور على الفائدة والمساعدة في تحديد الطريقة المناسبة لتعليم أطفالهم مهارات البرمجة وفقًا لمراحل نموهم.
هل عمر سنتين مناسب كبداية؟
اقترحت ستيفاني شيرلي، وهي من بين رواد المبرمجين المستقلين في العالم، فكرة رائدة بأنه يمكن تقديم مبادئ البرمجة للأطفال ابتداءً من عُمر الثانية . قالت شيرلي: “إن مشاركة الأطفال الصغار جدًا في عالم البرمجة يمكن أن تثير شغفهم بحل الألغاز والتفكير في حل المشكلات.

وأكدت أيضًا أن الأدلة تشير إلى أن أفضل وقت لتعريف الأطفال بأنشطة الترميز البسيطة يتراوح بين سن العامين والسبع سنوات. وأوضحت: “المبرمجون الأكثر نجاحًا في المستقبل يبدؤون تعلم البرمجة في الفترة ما بين الخامسة والسادسة من العمر”. بمعنى آخر، تلك السنوات تعتبر الفترة الأفضل لتعلم أي مهارة.
ماذا عن تعليم البرمجة للأطفال في عُمر الثلاث سنين؟
في عالم ألعاب الكمبيوتر والتابلت والجوال، تعمل الشاشة على جذب انتباه الأطفال الصغار، ولكن الكتل الملموسة مثل المكعبات والأجسام التي يمكن لمسها واللعب الحسي يقدمون تجربة رقمية تقليدية بشكل هجين. إنها تجربة اجتماعية تفوق مجرد وجود الأطفال أمام شاشات أجهزتهم.
وفي سن الثلاث سنوات، تشير الدراسات إلى أنه يمكن تعليم الأطفال مبادئ البرمجة العامة من خلال ألعاب ملموسة وحسية، يمكن للأطفال التفاعل معها شريطة أن تكون تحديات اللعب مناسبة من حيث مستوى الصعوبة. تعتمد هذه الألعاب على المنطق البسيط، مثل ترتيب الأطفال للكتل الملونة وتنظيمها، ومشاهدة تأثير هذا الترتيب والتنظيم على حركة هذه الألعاب من حولها، بأشكال وألوان بسيطة.
ومن هذه الألعاب الموجودة في متناول الأطفال نجد أن شركة Primo Toys، التي أسسها كل من ماتيو لوليو وفيليبو جاكوب، قد وفرت للأطفال القدرة على تعلم بعض مهارات البرمجة في وقت مبكر من عمر ثلاث سنوات على مبدأ وطريقة تعليم المونتيسوري وذلك من خلال لعبتهم التي أسموها كوبيتو (Cubetto).
بنى جاكوب هذه اللعبة لابنه الصغير ليعلمه البرمجة في وقت مبكر من حياته.

لعبة Cubetto هي روبوت ودود للأيدي الصغيرة ذوي الخيال الكبير، وهو يساعد الأطفال على تعلم برمجة الكمبيوتر من خلال اللعب العملي.
من خلال دراسة أجرتها الشركة مع مدرسة Orchard الابتدائية في المملكة المتحدة اكتشفت أن الأطفال استجابوا بشكل إيجابي لـلروبوت “كوبيتو” حيث تمكنوا بشكل جيد من اختبار تسلسل إعطاء الأوامر وتصحيح أخطائها وإصلاح الأوامر، كما كان له الأثر في تعزيز مهاراتهم في بناء الفريق.
“كان Cubetto رائعًا لتطوير العمل الجماعي والتواصل والرياضيات الأساسية ومهارات حل المشكلات كجزء من جلسة اللعب.
عُمر الأربع سنين لتعيلم البرمجة وأساسياتها

سباق الروبوت من شركة ألعاب أليكس
قامت شركة ألعاب أليكس (Alex Toys) والتي تم شراؤها لاحقا وتغيير اسمها إلى (Alex Global Products) بتقديم لعبة تناسب الأطفال من سن الرابعة تقوم على مبدأ الحركة مع تعلم أساسيات البرمجة. تقوم اللعبة على حصيرة مقسمة إلى مربعات يوضع عليها نقطة بداية وأخرى للنهاية (عبارة عن كروت) وعلامات يجب المرور بها للفوز باللعبة. كما أن هناك كروت كبيرة للاتجاهات يجب أن يقوم الطفل بوضعها على المربعات المناسبة لكي يمر على علامات المرور ويصل إلى نقطة النهاية كي يفوز في اللعبة. يقوم الطفل في هذه اللعبة بدور الروبوت أو الرجل الآلي كنوع من النشاط البدني والفكري لتنسيق تفكيره مع تحركه عبر مربعات اللعبة.
تعليم البرمجة للأطفال في سن الخامسة
ابتداء من هذا العمر من الممكن البدء مع الأطفال بتعليمهم المفاهيم العامة للبرمجة مثل التجريد والتنبؤ والبرمجة والتسلسل والتكرار. ثم هناك تصحيح الأخطاء ، وهو مصطلح تقني يصف عملية التخلص حرفيًا من “الأخطاء” داخل الخوارزمية.
في هذا العمر يتم تقديم البرمجة للأطفال على شكل ألعاب وكتب مصورة ملونة تحكي قصصا وبها أنشطة لكي تحفز الطفل على البدء بالتفكير المنطقي وممارسته من خلال هذه الأنشطة، كما تدخله في المنطق البرمجي بشكل لا شعوري.
كتاب أهلا روبي: مغامرات في البرمجة (Hello Ruby: Adventures in Coding) مثال على هذه الكتب. وهي طريقة مرحة للتعرف على أجهزة الكمبيوتر والتكنولوجيا والبرمجة. مع قصة وتمارين وأنشطة. الهدف من الكتاب ليس تعليم الأطفال لغة برمجة، ولكن مفاهيم البرمجة وأساسيات التفكير الحسابي ، مثل كيفية تقسيم المشاكل الكبيرة إلى مشاكل صغيرة ، وإنشاء خطط خطوة بخطوة، والبحث عن الأنماط والتفكير خارج الصندوق من خلال رواية القصص. بعد ذلك يتم تعزيز هذه المفاهيم الأساسية في صميم الترميز والبرمجة من خلال تمارين وأنشطة مرحة ممتعة تشجع على الاستكشاف والإبداع. وقد تم تصميم هذا الكتاب للعمل عليه مع أحد الوالدين.

قامت مختبرات الإعلام في جامعة أم أي تي (MIT) بالاشتراك مع جامعة تافتس (Tufts University) وشركة المرح للاختراعات (Playful Invention Company) بتطوير هذه اللغة البرمجية التي تناسب من هم بين الخامسة والسابعة من العُمر. تم إطلاق هذه اللغة والمنصة التي تعمل عليها كنسخة أولية بسبع وعشرين لغة (لا تشمل اللغة العربية مع الأسف لهذا الإصدار) لتكون على متجر جوجل بلاي ومتجر أبل في يوليو من عام 2014.
عن طريق منصة سكراتش جونيور يمكن للأطفال الصغار من سن الخامسة إلى السابعة تعلم برمجة قصصهم وألعابهم التفاعلية. كما أنهم يبدؤون بتعلم حل المشكلات وتصميم المشاريع والتعبير عن أنفسهم بشكل إبداعي على الكمبيوتر.